بيان لمناسبة عيد الشهيد الاشوري /٦٧٦٨ آ /٢٠١٨ م

لكل امة حية ذاكرة لا تموت ,ولكل جراح نبيلة أثار تأبى الاندمال , ولكل قضية محقة أصداء لا تمحوها يد الأيام .
هكذا تتمثل الأمة الأشورية بآلامها وقضاياها وجروحها صرخة في وجه البشرية التي نهلت من منابعها وعلومها وكانت شمساً مضيئة أنارت دروبها المعتمة ولم يكن لها من جزاء سوى مزيداً من القتل والتطهير العرقي والذبح والإبادة والتهجير منذ سقوط كيانها السياسي حتى يومنا هذا
محطات كئيبة وذكريات حزينة مرت بها الأمة الأشورية خلال مسيرتها الباقية الخالدة ولعل سيميل وأحداث سهل نينوى 2014 وأحداث الثالث و العشرين من شباط 2015 في الخابور, تبقى أقرب من ذاكرة الإحساس المضني , فالوجع ما زال فتياً ونابضاً والجرح يأبى أن يندمل حيث تعيدنا ذاكرة الأيام كل آب إلى المربع الأول للنكبة كأننا نعيش هذه المجازر و الابادات الجماعية بأدق تفاصيلها , ولكن ألامها لم تتمكن ذات يوم من تحطيم روح الحياة لدى أبناء الشعب الأشوري الذي تملكته الرغبة في البقاء دوماً شعباً متحضراً ظل يحمل في ذاكرته عاداته وتقاليده متمسكاً بتراثه الحضاري العريق متفاخراً بانتمائه وجذوره التي تضرب في عمق التاريخ متشبثة بالأرض كنخلة أشورية شامخة صامدة في وجه الريح على ضفاف نهراً عظيم.
ايتها الجماهير الاشورية العظيمة ..
يمر علينا السابع من آب هذا العام و شعبنا ما يزال يصارع للحفاظ على ما تبقى من وجوده في أرضه التاريخية بعد أن تمكنت رياح التهجير من تضييق الخناق عليه فنزف شريان وجوده دون توقف حتى يومنا هذا في ظل غياب شرعية دولية تكفل حقوق الشعوب الاصيلة في اوطانها و في ظل غياب دساتير وطنية تكفل لكل ابناء الوطن الواحد حياة تسودها العدالة و المساواة والمواطنة , و لعل لنماذج الانظمة السياسية السائدة و استمرار الحروب الداخلية و تضارب المصالح الدولية و الاقليمية التأثير الأكبر لإزاحة ما تبقى من أبناء شعبنا و تشتيتهم في المنافي اللاختيارية التي وجدوا أنفسهم فيها.
إن حالة التشرذم التي تعاني منها المؤسسة السياسية الاشورية بكل اقطابها تفصح عن ضعف الأداء السياسي للأحزاب السياسية الاشورية التي لم تتمكن حتى يومنا هذا من تحديد أولوياتها و رسم خريطة طريق واضحة لأهدافها مما ساهم في فشلها في إيصال صوتها الى المنابر الاعلامية و عدم اكتسابها لتعاطف الاخرين و هي تنقسم على ذاتها مبتعدة شيئا فشيئا عن قضيتها الاساسية , كما أن عدم مقدرة المؤسسات السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الاعلامية الآشورية على توحيد وجهات نظرها و تشكيل جبهة آشورية موحدة لها وزنها و ثقلها بكل ما يمتلكه الشعب الاشوري من نقاط القوة ساهم بشكل او بآخر في ترسيخ الشرخ الكبير بين ابناء الشعب الآشوري بمختلف طوائفه في ظل تقاعس المؤسسة الدينية في نشر روح المحبة و التآخي و تدخلها السافر أحيانا في الشؤون السياسية الآشورية.
ايتها الجماهير الاشورية العظيمة
تدخل الازمة السورية عامها الثامن دون أن تلوح في الأفق بوادر حل سياسي قريب , بالرغم من كل الرؤى السياسية الصادقة التي أطلقتها الكثير من الفعاليات السياسية الداخلية السورية , و لعل ما نادى به الحزب الاشوري الديمقراطي من حلول و وجهات نظر سياسية كان نواة لحل سوري شامل , حيث سعى الحزب دوما للمشاركة الفعالة في المعادلة السياسية السورية و تواصل مع الكثير من الجهات الرسمية و غير الرسمية لإيصال الصوت الآشوري لإنقاذ ما تبقى من الوطن السوري في ظل حرب سوداء دامية دمرت البشر قبل الحجر و لكن ضعف الاستجابة السياسية للمشاريع الوطنية أبقى الصوت الاشوري مغيبا دوما .
و مع هذا فنحن في الحزب الاشوري الديمقراطي كنا و مازلنا ندعو للحوار السوري السوري بعيدا عن التدخلات الاجنبية التي لا يهمها في النهاية سوى تحقيق مصالحها السياسية و الحفاظ عل مكتسباتها الاقتصادية في زمن يريد الكل فيه حصة من الكعكة السورية , كذلك ندعو حكومات العراق و سوريا الى الالتفات الى مصالح شعوبها و الحفاظ على مكونات شعبها بعيدا عن التخندق وراء القوى العظمى التي تكون غالبا بعيدة عن هموم الوطن و المواطن و الاسراع في تسويات سياسية تقود لأنظمة علمانية ديمقراطية تعددية لامركزية تطلق العنان للحريات السياسية و تعلي اصوات المجتمعات المدنية و تضمن في دساتيرها حرية الفكر و المعتقد و تكفل المساواة للجميع و إلا فإن حالة الدمار الاجتماعي و السياسي ستستمر إلى ما لا نهاية لتفتك بالجميع في حرب لا منتصر فيها سوى أعداء الوطن و لا خاسر فيها سوى الوطن و ابنائه.
يا ابناء شعبنا الاشوري العظيم ..
نقف اليوم إجلالاً وإكباراً لكل الأرواح الطاهرة التي قدمت على مذبح الحرية قرباناً لتراباً ثملت ذراته من دماء أبنائه البررة.
نقف اليوم متفاخرين كما كنا بما قدمته امتنا الأشورية العريقة من اجل الذود عن الحدود وعزة الأوطان فكنا مثالاً للشهيد الحي دوماً
نقف بوقار أمام كل محطة حزن وننحني أمام كل دمعة ونركع أمام كل شهيد قضى من أجل أن نبقى ومات من أجل أن نحيا نحن.
ايها الاخوة
نحتفل اليوم ايضا بالذكرى الواحدة و الاربعين لتأسيس الحزب الآشوري الديمقراطي حيث نتقدم لجميع اخوتنا في الوطن و المهجر بأطيب الاماني و أصدقها كنا فيها إخوة بحق في مسيرة آثرنا فيها على البذل والعطاء أبدا وسنبقى كما عهدتنا هذه الأرض المعطاءة ساعين نحو المحبة والسلام نمد يد المحبة والإخوة لجميع إخوتنا في الوطن. أبناء مخلصين دوماً لتاريخنا وحاملين قضيتنا ومحبتنا لوطننا أينما ذهبنا وحيثما اتجهنا لتبقى هذه الأرض المباركة قبلتنا ومقصدنا غير آبهين بكل ماقدمناه وما سنقدمه فداءاً لوطننا.
تحية لكل شهدائنا الإبطال الخالدين دوماً في قلوبنا
تحية لكل الأمهات اللواتي أنجبن إرادة الحياة من أرحامهن
تحية لكل الدماء التي أريقت على ساحات الوطن
والمجد والخلود والرحمة لهم إلى ابد الآبدين

الحزب الاشوري الديمقراطي
المكتب السياسي



Comments are closed.