بيان استنكار

 

يتابع العالم، وأبناء شعبنا السوري على وجه الخصوص، بقلق بالغ وأسف عميق، التطورات الدامية التي يشهدها الساحل السوري، حيث تتصاعد المواجهات بين قوى الأمن السورية ومجموعات مسلحة محلية وأجنبية مدفوعة بخطاب طائفي من جهة، وعناصر من النظام السابق من جهة أخرى. وقد أسفرت هذه الأحداث عن انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، بما في ذلك الإعدامات الميدانية، تحت ذريعة ملاحقة فلول النظام السابق، الأمر الذي يشكل، وفق المعايير الدولية، جريمة إبادة جماعية وعقابًا جماعيًا يستهدف مكونًا بعينه، مما يتنافى مع مبادئ العدالة الانتقالية، بل يؤسس لنهج العدالة الانتقائية، وهو ما يعيد إلى الأذهان سياسات النظام السابق القائمة على العقوبات الجماعية والقصاص خارج إطار القانون، مما يهدد أي أفق لبناء دولة قائمة على العدل والحرية والكرامة.

إن ما يجري اليوم في الساحل السوري يعكس عودة مقلقة إلى نهج التفرد بالسلطة والممارسات الأحادية التي دفع السوريون أثمانًا باهظة للخلاص منها، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للنسيج الاجتماعي السوري، ويزيد من مخاطر الانزلاق إلى دوامة عنف طائفي قد تعصف بمستقبل البلاد. إن بناء دولة وطنية جامعة لا يمكن أن يتحقق عبر سياسات الإقصاء والتجييش الطائفي، بل يتطلب شراكة وطنية حقيقية تحفظ حقوق جميع مكونات الشعب السوري، بعيدًا عن منطق الانتقام وتصفية الحسابات.

وانطلاقًا من مسؤوليتنا الوطنية، فإننا في الحزب الآشوري الديمقراطي ندعو الحكومة القائمة إلى تحمل مسؤولياتها الدستورية والأخلاقية في حفظ الأمن وحماية المدنيين، واتخاذ إجراءات عاجلة لإيقاف جميع المتورطين في الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين وتقديمهم إلى محاكمات عادلة وشفافة، وفق المعايير القانونية والدولية.

كما نؤكد أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة يكمن في إطلاق عملية حوار وطني شامل وجامع، تضمن مشاركة جميع مكونات الشعب السوري، القومية والسياسية، دون إقصاء أو تهميش، باعتبار أن التغيير الذي شهدته البلاد هو نتيجة نضال وتضحيات جميع السوريين. كما نؤكد على ضرورة إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، بما في ذلك الجيش والأجهزة الأمنية، بحيث تكون في خدمة الوطن والمواطن، وتعمل بمهنية وحيادية، مع التأكيد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة فقط. كما ندعو إلى إطلاق ورش عمل لصياغة دستور عصري ودائم يكرّس التعددية القومية والسياسية، ويضمن الحقوق المتساوية لجميع المواطنين، ويؤسس لدولة ديمقراطية حديثة.

وإذ يعرب الحزب الآشوري الديمقراطي عن إدانته الشديدة لكل أشكال التجييش الطائفي واستخدام العنف كأداة لإدارة الصراع، فإنه يدعو جميع الأطراف إلى نبذ الخطاب الطائفي، والعمل على معالجة جذور الأزمة، كما يطالب بتشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة ومحايدة لمتابعة الأحداث الجارية في الساحل السوري، وضمان محاسبة جميع المتورطين فيها وفق أسس العدالة والقانون.

لا للطائفية – لا للعنف – نعم لسوريا موحدة، ديمقراطية، تتسع لجميع أبنائها.

الوطن في: 8 آذار 6774 آشوري

الموافق: 8 آذار 2025 ميلادي

الحزب الآشوري الديمقراطي

الهيئة التنفيذية

 

ADP Archiv_250309_121840

 



Comments are closed.